OCSE: توقعنا الحصول على أنطولوجيا، فحصلنا على مجموعة مصطلحات مخيبة للآمال

مرت حوالي أربع سنوات. انتظرنا زمنًا طويلاً، وكنا متشوقين إلى رؤية ما أعلن عنه الاتحاد الأوروبي بفخامة بالغة. إننا نتحرّق شوقًا إلى رؤية ما إن كان يحل المشاكل المعروفة التي تواجه أنظمة التصنيف. يسمى تصنيف الاتحاد الأوروبي للبيانات المهنية ESCO (التصنيف الأوروبي للمهارات والكفاءات والمؤهلات والمهن). وحتى الآن، حلت كافة الدول بنفسها مسألة التصنيفات، كنظام ROME في فرنسا أو KLdB في ألمانيا أو CP في إيطاليا. وتستند هذه التصنيفات عادة إلى أمّ التصنيفات كلها، ونقصد “التصنيف الدولي الموحد للمهن” (ISCO) الذي وضعته منظمة العمل الدولية حوالي عام 1960، لكنها ليست بالضرورة قابلة للمقارنة، حيث توجد أرقام وحروف مختلفة ومستويات تصنيف مختلفة يمكنها التمييز بين التصنيفات.

janzz_esco_unsatisfied

طُورت أنظمة التصنيف الأخرى في المقام الأول لأسباب إحصائية. وبالتالي تسنى تأليف المهن ذات أرقام التعريف في مجموعات ثم رفع الإحصاءات، لكن هذه الأنظمة لم توسع فهم الوظائف الفردية. كانت الترتيبات الجماعية في الغالب شديدة الاتساع، شديدة العمومية. فعلى سبيل المثال، جميع الأخصائيين الطبيين مصنفون معًا، وتوصف هذه المجموعة بمجموعة واحدة من المهارات لجميع الأخصائيين. وهذا يعني أن أخصائي الأورام يوصف بأنه يملك بالضبط نفس المهارات التي يملكها أخصائي الجهاز الهضمي أو أخصائي أمراض النساء أو أخصائي الباثولوجيا. إذن فوفقًا لأنظمة التصنيف، فإنهم يملكون بالضبط نفس المعارف، ولا يتسنى معرفة تخصصاتهم إلا من خلال مسمياتهم الوظيفية. بهذه التوصيفات غير الدقيقة، لا تستطيع يقينًا فهم المسميات الوظيفية الفردية فهمًا أوضح بأي صورة.

لم يشأ الاتحاد الأوروبي بناء ESCO كهيكل آخر شديد الغموض، بل بالأحرى إيجاد فهم مشترك للوظائف والمهارات والمعارف والمؤهلات عبر 26 لغة بحيث يستطيع أرباب العمل والعاملون والمؤسسات التعليمية فهم احتياجات بعضهم البعض ومتطلباتهم فهمًا أدق. وبهذه الطريقة، يمكن أن تعوض حرية التنقل الفجوة في المهارات والبطالة في مختلف الدول الأعضاء، كما يقول يونكر¹.

مضت الآن حوالي أربع سنوات منذ الإصدار التجريبي. تم إشراك جميع أصحاب المصلحة المحتملين، كمكاتب التوظيف والمستشارين المهنيين والإحصائيين والعلماء . . . لإنشاء هذا التصنيف بـ 26 لغة. حوالي أربع سنوات من الاختبار والتوسيع والتعديل وإعادة الصياغة . . . والآن أنا جالس هنا أمام حاسوبي أكتب في قاعدة البيانات الإنترنتية كلمة Word كمهارة، وقاعدة البيانات لا تتعرف على المصطلح. الاقتراح الوحيد البديل: WordPress، وهو عديم الصلة في واقع الأمر. ولو كتبت PowerPoint، لا يحدث شيء بالمرة، فقاعدة البيانات لا تتعرف على المصطلح؛ فهو غير مخزن فيها².

لا بأس، هيا نجرب Indeed. في ألمانيا وحدها، أجد أكثر من 13 ألف إعلان وظيفة يحتوي على مصطلح البحث PowerPoint، وفي فرنسا والمملكة المتحدة 8000، لكن PowerPoint ليست مصنفة كمهارة عبر أوروبا. لا مكان بين 13485 مهارة في ESCO. هل ينبغي أن يفهم العامل رب عمل محتمل فهمًا أفضل باعتبار أن PowerPoint ليست مهارة مهمة للتوظيف؟

يجب أن نقر أن قاعدة البيانات تتعرف فعلاً على عبارة use microsoft office عند إدخال Microsoft، لكن الفهم الدلالي لقاعدة البيانات لا يمضي أبدًا أبعد من ذلك. ولا ننس أن عبارة use word processing software مخزنة حتى كمهارة مستقلة لا صلة لها بـ Microsoft Office، ولا شيء في المهارتين يوحي بأنهما مترادفتين.

تذكر ESCO أنها تتعرف على 2942 مهنة. والمثير للاهتمام أن النظام يتعرف على rail logistics coordinator، ويقدم أيضًا صيغًا هجائية بديلة معينة لكن لا يتعرف على logistician (كلتاهما تخص وظيفة تتعلق باللوجستيات). من حين لآخر يتم العثور على مهن يعاني أصحابها من أمراض متشابهة. بالإضافة إلى ذلك، كمصطلح بديل لـ political party agent (وكيل حزب سياسي)، يقترح النظام public relations agent (وكيل علاقات عامة). وذلك كمجرد مثال على خطأ المسمى الوظيفي البديل.

ستكون ESCO الآن متاحة بـ 26 لغة. نعم ولا، سأكتشف ذلك. نعم، المسميات الوظيفية متاحة بـ 26 لغة، نعم، المهارات أيضًا متاحة. لكن شرح أي مصطلح يتم دائمًا باللغة الإنجليزية، مما يعني أن المسمى الوظيفي يمكن ترجمته إلى كافة اللغات وأما التوصيف الوظيفي فلا. بل يظل دائمًا باللغة الإنجليزية. والأمر محل التساؤل الآن هو ما إذا كان أي رب عمل من فرنسا يفهم مهنة السويدي مقدم طلب العمل إليه فهمًا أوضح من دون تعريف بلغته الأصلية الفرنسية. أو ما إذا كان يفهم ما إذا كان التصنيف يوائم فعلاً وظيفته الشاغرة.

بعيدًا عن حقيقة أن المؤهلات متاحة بلغة واحدة فقط وهياليونانية. فلا يمكن العثور على التوصيفات المفصلة إلا بهذه اللغة. على أية حال، أي رب عمل في دولة أخرى عضو لن يفهم مقدم الطلب إليه فهمًا أوضح حتى وإن كان ينتمي إلى اليونان. ESCO ذاتها تذكر إن المؤهلات يجب توفيرها من قبل الدول الأعضاء وسيتم دمجها من حين إلى آخر. لكن الدول الأعضاء الـ 27 أمهلت نفسها زمنًا طويلاً.

والآن يجب أن ألخص قائلاً إنني أشعر بخيبة أمل ليست قليلة. فقد انتظرت حوالي أربع سنوات منذ أن رحت أشرح الإمكانيات المتشعبة للأنطولوجيات مع الآخرين في مؤتمر ESCO. لكن لم يتم بناء أنطولوجيا بل بالأحرى نظام تصنيف أو مجموعة مصطلحات. تم دمج 2942 مهنة و13485 مهارة و672 مؤهل (يوناني) في ESCO. الواضح أن ESCO استثمرت قدرًا كبيرًا من الوقت وربما الكثير جدًا من المال في هذا التطوير. لكن مسألة ما إذا كان هذا هو التقدم الهائل لتحقيق هدف يونكر إنما هي موضع شك.

والسؤال المطروح: ماذا نفعل الآن؟ هل ننتظر أربع سنوات أخرى على أمل احتمال أن تتمكن ESCO من تلبية احتياجات الموارد البشرية ودوائر التوظيف العامة؟ أو ربما يجدر بنا البحث عن بديل؟ ماذا عن بديل يمثل أنطولوجيا حقيقية مع تعرف دلالي؟ تدرك أن موظف الحزب لا يفعل نفس الشيء الذي يفعله موظف العلاقات العامة. تعرف أن MS Word هي المهارة ذاتها مثل Microsoft Word أو معالجة الكلمات. وتحتوي على لغات كثيرة بالكامل. ومن يدري، ربما يكون هذا الحل موجودًا بالفعل. ربما ينجح بحث على شبكة الإنترنت في هذا الصدد. على سبيل المثال، على http://janzz.technology.

[1] ESCO (2015). الإطار الاستراتيجي لـ ESCO. الرؤية والرسالة والموقف والقيمة المضافة والمبادئ التوجيهية. بروكسل:

[2] لأغراض هذا البحث، اقتصرنا على استخدام قاعدة بيانات ESCOعلى الإنترنت.

إدارة العمل والرعاية الاجتماعية النرويجية تختار حل JANZZ المستند إلى الأنطولوجيا لتحديث منصة سوق العمل التابعة لها.

وقع اختيار إدارة العمل والرعاية الاجتماعية النرويجية على شركة التكنولوجيا السويسرية JANZZ في مناقصة علنية لتوريد مكونات لمنصة سوق العمل الجديدة التابعة لها. وفازت JANZZ بالمناقصة في مواجهة منافسة دولية، وستدعم إدارة العمل والرعاية الاجتماعية بخبرتها في البيانات ذات العلاقة بالمهن والمهارات.

تعمل إدارة العمل والرعاية الاجتماعية على تكييف منصة الخدمة الذاتية التابعة لها في إطار أجندتها الرامية إلى تحسين انتقال الباحثين عن عمل إلى العمل. وتهدف إدارة العمل والرعاية الاجتماعية إلى تقديم خدمة شفافة لكل مشغلي سوق العمل والمشاركين يستطيع فيها جميع المستخدمين الاستفادة من الخدمات على قدم المساواة. وهي تعكف على تطوير أداة مرنة تجعل سوق العمل النرويجية أكثر شفافية وتسهّل الانتقال الأسرع إلى العمل لكل الباحثين عن عمل.

ستكون المنصة الجديدة مصدرًا للمعرفة حول سوق العمل في النرويج. وسيكون جمع وتحسين وتحليل البيانات والمعلومات عن الوظائف والمهارات جزءًا محوريًا من المنصة المستقبلية. بتضمين البيانات والتحليلات في رؤيتها الاستراتيجية الجوهرية، تهدف إدارة العمل والرعاية الاجتماعية إلى خلق دورة معرفة مستدامة وديناميكية تعود بالنفع على سوق العمل التي تؤدي وظائفها جيدًا.

بتكنولوجيتها الخاصة بمواءمة الوظائف استنادًا إلى الأنطولوجيا، تقدم JANZZ الأداة المثالية لإدارة العمل والرعاية الاجتماعية لبناء منصة جديدة مبتكرة ومستدامة. أنطولوجيا JANZZ للبيانات المتعلقة بالمهن والمهارات قاعدة بيانات دلالية شاملة للمسميات الوظيفية والكفاءات والمؤهلات التعليمية. وهي تفهم الفروق الدقيقة في السير الذاتية والشواغر، ويمكنها المساعدة على الترجمة بينها. وهي بجانب محركها القوي للمواءمة الدلالية للوظائف، ستساعد إدارة العمل والرعاية الاجتماعية على تقديم نتائج وتوصيات أوثق صلة وأكثر شفافية عند البحث عن الوظائف والحصول على أفكار ثاقبة أدق حول سوق العمل.

 

نبذة عن إدارة العمل والرعاية الاجتماعية النرويجية

تضم إدارة العمل والرعاية الاجتماعية النرويجية حوالي 19 ألف موظف (حوالي 14 ألف موظف بالحكومة المركزية و5 آلاف موظف بلديات).
وتأسست الإدارة في 1 يوليو 2006. تتعاون السلطات المحلية والحكومة المركزية للعثور على حلول جيدة للخدمات الاجتماعية وخدمات الرعاية والتوظيف للمستخدمين من خلال مكاتب الإدارة الـ 456 في البلديات وفي جميع مقاطعات النرويج الـ 19.

إدارة العمل والرعاية الاجتماعية مسؤولة عن ثلث ميزانية دولة النرويج، حيث تدير العديد من برامج الإعانات والتوظيف (بمعنى إعانات البطالة، بدلات تقييم العمل، إعانات المرض، إعانات الأطفال، إعانات النقد مقابل الرعاية، والمعاشات التقاعدية).

تتمثل الأهداف الرئيسية ذات الصلة بسوق العمل فيما يلي:

  • زيادة عدد الأشخاص الذين يمارسون النشاط ويلتحقون بالعمل؛ وخفض من يعتمدون على الإعانات
  • سوق عمل تؤدي وظائفها جيدًا مع مستوى عالٍ من المشاركة في القوة العاملة
  • مجتمع لا يُقصي أحدًا ويضمن فرصة المشاركة للجميع
  • إدارة شاملة وعالية الكفاءة للعمل والرعاية الاجتماعية

الأهداف الثانوية (الأهداف العملية) فيما يتعلق بسوق العمل كالتالي:

  • أماكن عمل لا تُقصي أحدًا
  • منشآت أعمال وهيئات يمكنها شغل الوظائف الشاغرة بموظفين مؤهلين
  • إعطاء الأفراد المعاقين أو ناقصي الأداء الوظيفي فرصة المشاركة بنشاط في الحياة العملية
  • خدمات ومعلومات مكيفة خصيصًا مع احتياجات المستخدمين وظروفهم

يتوفر المزيد من المعلومات عن إدارة العمل والرعاية الاجتماعية النرويجية على www.nav.no

نبذة عن JANZZ.technology

JANZZ.technology شركة للتكنولوجيا والاستشارات تمارس نشاطها في مجال المواءمة الدلالية للمهارات والوظائف وفي استخدام البيانات الوظيفية والمهارية المعقدة. وهي تقدم منتجات معيارية وذات علامة بيضاء وحلولاً من نوع البرمجيات كخدمة لنمذجة وتحليل واستخدام البيانات الضخمة على بوابات التوظيف وبواسطة دوائر التوظيف العامة وعلى مواقع التوظيف الخاصة بالشركات. باستخدام أحدث التكنولوجيات الدلالية للمواءمة الدقيقة للمؤهلات والمهارات المهارات الصلبة والناعمة عبر مختلف اللغات، تخفف إلى حد كبير مشاكل المواءمة المرتبطة بآليات البحث غير المتماثلة في أسواق العمل.

يتوفر المزيد من المعلومات عن JANZZ.technology على www.janzz.technology

 

تائه في البيانات الضخمة؟
الفكرة المضللة التي تسيطر على كون البيانات.

lost_in_big_data

“. . . في تلك الإمبراطورية، بلغ فن رسم الخرائط حد الكمال لدرجة أن خريطة الإقليم الواحد كانت تحتل مدينة بأكملها، وخريطة الإمبراطورية كانت تحتل إقليمًا بأكمله. وبمرور الوقت، لم تعد تلك الخرائط المبالغ فيها مرضية، فأعدت طائفة رسامي الخرائط خريطة للإمبراطورية تضاهي في مساحتها مساحة الإمبراطورية، وتطابقت معها شبرًا بشبر. . . “.

“حول الإتقان في العلم”
خورخي لويس بورخيس

 

تتخيل قصة بورخيس إمبراطورية تدمن فكرة إنشاء خريطة مثالية تصور عالمها. وقد انغمست تلك الإمبراطورية الوهمية في مهمة إنشاء خريطة تتطابق مع رقعتها شبرًا بشبر. واليوم لا يسعني إلا الاعتقاد أننا نجد أنفسنا في بيئة مماثلة جدًا: فالبيانات تُحدث تغييرًا عميقًا في عالمنا وكيفية رؤيتنا له. نجد أنفسنا في خضم ثورة بيانات هائلة وواسعة الانتشار وشابة لدرجة أنه يصعب استيعابها بالكامل. أثر البيانات متزايد الاتساع على نطاق هائل بحق؛ إننا نسعى جاهدين لاستخدام البيانات الضخمة لإحداث تحول في صناعات بأكملها، من التسويق والمبيعات إلى التنبؤات الجوية، ومن التشخيصات الطبية إلى تغليف الأطعمة، ومن تخزين الوثائق واستخدام البرمجيات إلى الاتصال. والحقيقة أنه على نحو أشبه كثيرًا بإمبراطورية بورخيس الخيالية، صرنا نعتقد أنه كلما جمعنا وحللنا بيانات أكثر، اكتسبنا المزيد من المعرفة بالعالم وبالناس الذين يعيشون فيه. فإلى أي مدى تحولنا إلى حمقى مهووسين بالبيانات.

الاعتقاد السائد الآن هو أن البيانات الضخمة تعطي أفكارًا ثاقبة يمكن التصرف بناء عليها حول كافة جوانب الحياة تقريبًا. ويجادل فيليب إيفانز وباتريك فورث بأن “المعلومات تُفهَم وتطبَّق من خلال طرق جديدة تمامًا من طرق الذكاء الاصطناعي التي تسعى إلى أفكار ثاقبة من خلال الخوارزميات التي تستخدم مجموعات بيانات صاخبة هائلة. وبما أن مجموعات البيانات الأضخم تتمخض عن أفكار ثاقبة أفضل، فالضخم شيء جميل” (من مقالهما المشترك في bcg.perspectives). على نحو مماثل، يتزايد تعطشنا للبيانات باستمرار، ونظامنا الإيكولوجي يدفعه دفعًا: أجهزة متصلة بمستشعرات، وشبكات تواصل اجتماعي، وعدد متزايد من السحب تُنتج لنا دومًا بيانات جديدة لكي نقوم بجمعها وتحليلها. وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة البيانات الدولية (CDI)، فإن الكون الرقمي سيتضاعف حوالي ضعفين كل سنتين. فمن 2005 إلى 2020، سينمو حجم البيانات 300 مرة، ليصل إلى 40 زيتابايت من البيانات. الزيتابايت واحد وأمامه 21 صفرًا. في هذا العالم الذي يشهد نموًا حادًا في البيانات، ينطلق طموح مراكمة البيانات بلا قيود. وكما في إمبراطورية بورخيس الخيالية، فإن الحد الخارجي هو مقياس رسم 1:1، أي صورة رقمية كاملة لعالمنا.

واليوم نجد الشركات من قبيل “آي بي إم” أو “لنكد إن” تمضي بالفعل نحو ذلك الحد. فآي بي إم تعكف على تدريب نظام الحوسبة الإدراكية الخاص بها والمسمى واطسون لكي يستطيع الإجابة عن أي سؤال تقريبًا. ولكي يفعل هذا، يعكف واطسون على جمع كميات غير مسبوقة من البيانات ومكنز هائل من المعلومات. وقد استحوذت الشركة مؤخرًا على Truven Health Analytics مقابل 2.6 مليار دولار نقدًا، مضيفة إياها إلى مستودعها الرئيسي من البيانات الصحية المستمدة من آلاف المستشفيات وأرباب العمل وحكومات الولايات عبر الولايات المتحدة. كانت هذه عملية الاستحواذ الرئيسية الرابعة على شركة للبيانات الصحية خلال عمر واطسون الذي يناهز 10 أشهر، مما يثبت مدى أهمية التوصل إلى تمثيل رقمي للمرضى والتشخيصات والعلاجات والمستشفيات لنظام الذكاء الاصطناعي العملاق الخاص بهذا الكمبيوتر. ورؤية لنكد إن طموحة بالمثل، حيث تعكف الشركة على إنشاء رسم بياني اقتصادي، وهو لا يقلّ عن كونه خريطة رقمية للاقتصاد العالمي. وتهدف إلى تضمين لمحة لكل شخص من أعضاء القوة العاملة العالمية وعددها 3 مليارات. وتهدف إلى التمثيل الرقمي لجميع الشركات ومنتجاتها وخدماتها، والفرص الاقتصادية التي تتيحها، والمهارات التي تتطلبها تلك الفرص. وتخطط لتضمين حضور رقمي لكل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي في العالم. لكن مساعي الشركتين ما هي إلا قمة الجبل الجليدي. فسعيهما إلى بناء تمثيل رقمي كامل لمجال كل منهما على حدة يرمز إلى طموح أعم في يومنا هذا إلى حالة من المعلومات الموجودة في كل مكان.

وهكذا فإن رؤى الشركات من قبيل آي بي إم واطسون ولكند إن تستحضر بالفعل إلى الأذهان عالم بورخيس المتخيل. قوى البيانات الضخمة تتلاقى وتستعيد طموحات الإمبراطورية التي تتحدث عنها هذه القصة على صعيد إعداد الخرائط. بدأ العالم يتحول إلى شيء ذاتي المرجع. التمثيل الرقمي لعالمنا يتوسع بسرعة، وعلى الحدود الخارجية، بدأ التمثيل والواقع يلتقيان. بدأ يحدث تلاقٍ بين العالم والصورة التي نرسمها له. فجأة، نجد أنفسنا في عالم يشبه إمبراطورية بورخيس شبهًا مفزعًا.

يا للحماقة، فقصة بورخيس تتواصل، مشككة في صميم غرض أي صورة تمثيلية ضخمة. فأي خريطة بمقياس 1:1، سواء ورقية أو رقمية، ربما لا تكون بالقيمة التي كنا نظنها.

“[. . . ] الأجيال التالية، التي لم تكن مغرمة جدًا بدراسة الخرائط على نحو ما كان أسلافهم، رأوا أن الخريطة الهائلة عديمة الفائدة، وببعض من الشفقة تركوها في لهيب الشمس وبرد الشتاء. في صحاري الغرب، حتى يومنا هذا، هناك أطلال بالية لتلك الخريطة، تسكنها الحيوانات والمتسولون، في كل الأرض لا يوجد أي أثر لعلوم الجغرافيا”.

في عالم بورخيس الخيالي، تخلصت الأجيال التالية من خريطة أسلافهم لأنهم لم يكن يستحوذ عليهم نفس الطموح الذي استولى على أسلافهم وأدركوا عدم جدوى خريطة بمقياس رسم 1:1. فتركوها تتحلل وكل ما بقي منها هو “الأطلال البالية” لخريطة الأسلاف. ينسجم إدراك أن أي خريطة بمقياس رسم 1:1 عديمة الفائدة عمليًا أيضًا مع خبرتنا مع كون البيانات المتسع. فها هو البروفسور باتريك وولف، المدير التنفيذي لمعهد البيانات الضخمة التابع لكلية لندن الجامعية، يحذر بقوله إن “المعدل الذي ننتج به البيانات بدأ يفوق بسرعة قدرتنا على تحليلها”. فلا يتم حاليًا تحليل إلا حوالي %5.0 من كافة البيانات، ويقول وولف إن تلك النسبة المئوية آخذة في التقلص فيما يُجمع المزيد من البيانات. إذن فنحن بدأنا ندرك الطبيعة غير العملية لكتل البيانات التي ننتجها. فبدلاً من اكتساب معارف متزايدة طرديًا عن عالمنا من خلال البيانات، نحن نخلق كيانًا معرضًا لخطر الانزلاق في هوة النسيان من خلال محض الحجم الهائل.

لمنع مجموعتنا الرقمية المتراكمة أبدًا من التعرض لنفس مصير خريطة بورخيس – أي أن تُترك لتتحول إلى أطلال بالية على أي أيدي أجيالنا اللاحقة – من الضروري أن نستمد منها معلومات يمكن التصرف بناء عليها. ومن ثم فالقدرة على الفهم الحقيقي لمدى تعقيد كتل البيانات المجموعة ولإنتاج المعرفة وثيقة الصلة منها ستكون الميزة التنافسية النهائية، اليوم بل وأكثر من ذلك في المستقبل.

على الرغم من أن تحويل البيانات الضخمة إلى بيانات ذكية يلقى بالفعل تأييدًا من الكثيرين، لم يظهر بعد حل حصل على براءة اختراع يُعنى بكيفية تحقيق هذا التحول. في يومنا هذا، لكل من الرياضيات التطبيقية ومعالجة اللغات الطبيعية وتعلم الآلة ثقل مساوٍ في الميزان، وتحل محل كل الأدوات الأخرى التي ربما تكون مستخدمة. إنها الفكرة القائلة بأنه بالبيانات الكافية، تتحدث الأرقام عن نفسها. تكرارًا لما قاله إيفانز وفورث: “الضخم شيء جميل”. تطبع هذه الفكرة ثقافة وادي السيليكون وبالتبعية ثقافة الكثير من المشاريع حول العالم.

ضُرب بالمنهجيات الأخرى من قبيل الأنطولوجيات، و أنظمة التصنيف و علم الدلالة عُرض الحائط انطلاقًا من روح الاكتشاف الحالية. ففيما ترمز الرياضيات التطبيقية وتعلم الآلة والتحليلات التنبؤية إلى الحجم، ترمز الأنطولوجيات وأنظمة التصنيف وعلم الدلالة إلى المعنى والفهم. وعلى الرغم من أن هذا الأخير قد يبدو ضئيلاً مقارنة بأبعاد الأولى، فإنهما سيلعبان دورًا ذا شأن في تحديد اللياقة التنافسية للشركات. بعد النمو المطرد في الكون الرقمي على مدى السنوات الأخيرة، وصلنا إلى درجة من التعقيد تتطلب إضافة فهم عميق للمسائل التي بين أيدينا. شيء لن يتحقق بجمع المزيد من البيانات أو بتنفيذ خوارزمية. إذن فالمثير للسخرية أنه تغييرًا في الاتجاه بعيدًا عن “الضخم شيء جميل” يمكنه فعلاً الاستفادة من القوة الكاملة للبيانات الضخمة.